الاثنين، 27 فبراير 2017

ساكن الفنجان

ساكن الفنجان

تأسِرني رائحةُ بُنِّي ..        
تصطادُني ..   
تسحبُني ..
بخارهُ يلُفني كما الشرنقة ..
أمُسي سحابًا طافيًا على الفنجان ..
كثّفَني .. امطرَني .. امزجَني ..
بُنّي أنا وأنا هو ..
قرأتُني فإذا بي اسبحُ فيَّ ..
اسكُنُني ..
اشعرُني ..
فيْضي أمطرَني 
اوسَعَني , مدّدَني ..
اوهمَني , منّنَني ..
ينكمشُ حُلمي حيّزا مع كلِّ رشفة ..
تيهٌ بين أسْرِ النكهة وحلاوة الحُلم ..
تتوالى الرشفات وتتآكلُ ارضُ الأحلام ..
اتوسَّل النكهة صفحًا فَضْلَ رشفةٍ تُمدِّدُ الحُلمَ ..
وتسمحُ للقارئة فكَّ طلاسم فنجاني ..
وعدتني نكهتي بنصف الفنجان عند قهوة الغد ..
رشَفَتْ قطرةَ الآخِر ..
فتبخرُتني ..
مُغادرًا الفنجان كجَانِ المصباح ..
آملاً انْ أعودَ إليه غدًا مع قهوة الصباح .                
===
بقلم زين الدين بوعجاجه


الجمعة، 24 فبراير 2017

" فإنَّ للرُوّادِ أذواقٌ "

" فإنَّ للرُوّادِ أذواقٌ "



تتعصّر أفكارُك , فتحفرُ أنفاقا في مناجمِ المـُهْجة بحثا عن حجرِ كلمةٍ كريمةٍ
بجهدٍ جهيدٍ تعثرُ على احْداها ملفوفةً بالشوائبِ , تَبْريها وتصْقلُها كي تُشبِه الزُّمُرُّد ,   
تتأملُها حدَّ التّصويرِ لتسِتقرَّ نُسخةً في الذهنِ ,  
ثمّ تسحقُها وتذُرُّ مِلحها على المِداد ,
بعد الخلطِ تَخُطُّ به بيانَ خِلْجَةٍ طافِية راغبة في الإعلان ,
تتأمّلُ البيانَ فيتراءى لكَ بريقٌ هنا وهناك على سطحِه أثرةٌ من مسحوقِ الزُّمُرُّدِ ,
على جدارِ سوقٍ شَبَهُ عكاظيةٍ , سبهلليةٍ , فايسبوكيةٍ تُعلِّقُ البيانَ ,
يعجُّ السوقُ بروادِه من كلُّ فجٍّ , وتتعالى الثرثراتُ بكلِّ الألْسُنِ واللغات ,
من يشري ويشتري "دالة" ؟ 
تتهاطلُ دالاتُ البياناتِ على ذاك الجدارِ ,
عجيبٌ هُوَ هذا الجدارُ بدَلَ السّبعِ والعشْرِ من" المعلّقات" ,
تراه مثقلا بالأطنان من "المغلّفات" ولا يئنُّ ,
املسٌ زوّاغٌ لا راكِدٌ , دوّارٌ للبيانات بالدّالات ,
ما حظُّ دالتك تحملُ بيانَك البرّاق معَ حَظِّ دالةِ صورة متحركةٍ:
لِقِطٍّ يتزَحْلَقُ على سطح بركة يثيرُ القهقهات تجمعُ آلاف النظّار في ساعة ...
ويمسي بيانُك شفّافا لا يُأبَهُ به بلْ تزيغُ عنه الأنظارُ ...

 ولكي تُواسيهِ تُربِّتُ على عُنوانِه بحُنُوٍّ قائلا: " لا تنزعجْ. في هذا العالم الأزرقِ يا بياني" فإنّ

 "للرُوّادِ أذواق

===
بقلم زين الدين بوعجاجه


بُخارُ الحقيقة

بُخارُ الحقيقة

   في قرية تموجُ بأهلها يبحثون عن " الحقيقة " أيّهُم أحقُّ بها لحملها وحمايتها .
   تنافروا , تدابروا وتنازعوا .. لمْ يفلحوا في اختيار الحاملين الحامين.
   فقررت الحقيقةُ نفسُها أن تفصل هي حُكمًا عادلا:
   بأنْ تصير بُخارا يستنشِقُه جميعُ أهل القرية فيستقرَّ في نَفَسِ كلِّ فردٍ .
   وعندما تتيه هيَ في غيابات الشكوك والظنون والأنانيات ويُمسوا هُمْ حيارى من أمرِهم ,
   صار لا بديل لهم سوى النفخ جميعا وفي نفس الآن في فتحات بوق بتعدادهم أُعِدَّ سلفا ,
   فتتجمّعُ ذرّاتُها المنبعثة من الأنفاس عابرة جسمَ البوق ليصيحَ هو صدّاحًا بها : "هاكُمُوها".

   ===
   بقلم زين الدين بوعجاجه

الخميس، 23 فبراير 2017

عشّ العنكبوت

عشّ العنكبوت


ترى اليمامةَ بالحُنُوِ صابرةً صبّارةً تحضن وتحرس بيضها .. وبعين الودّ والأمل في المستقبل ترجو طلعَ جِيلِها.
وبعُشِّ (بيت) عنكبوتٍ صيّادةٍ انهت غزلها وتربعت .. لا ترجو خلفًا .. اِن هي جاعتْ .. ذاكَ الخلف أكلت.

كذلك هي الأعشاش بأوطاني تضيق ذرعا بفراخِ نسورِها .. وبيْضُ البُغاثِ على الحرير ينعم.

===
  بقلم زين الدين بوعجاجه


تاج الرداءة

 تاج الرداءة

قُلْ للرداءةِ مَنْ أنتِ ؟
كيف ومِنْ أينَ جِئْتِ؟
وعلى رِقَابِنَا جثَوْتِ ..
لا تُحْيي ولا تَقْتُلِي حدَّ الموتِ ..
زُرِعْتِ في طرفٍ وأراكِ قد تفرَّعْتِ ..
فأمسى الكُّلُ سَلْوى لِوُدِّكِ تَدَلَلْتِ ..
وأصبح الصَّحُ نِدُّكِ مَسْخَرًا تَعَاليْتِ ..
يتَوارى خَلْفَ الدُّورِ والقُصُورِ تَبَاهيْتِ ..
حُفِفْتِ بالضِّباعِ وبالضِّياعِ تمَكَّنْتِ ..
وألبسُوكِ تاجَ الإِرْداءِ على العرشِ تَمَلَّكْتِ ..
تَمَتَّعِي شوْطا ما دامُوا لِخَمرِكِ سُكرَى تنَادمْتِ ..
لا سهلا ولا مرْحَا .. في ظِلِّكِ هَلْكٌ تَربَّى فارْضَعْتِ ..
يوٍمًا يَجيءُ ذوو الصّحْوِ ثَمَّ تَدَارَيْتِ ..
حَطُّوا الميزانَ بالعدْلِ يومَها أُبْخِسْتِ ..
الصّحُ صَحٌّ وإنْ علا صوتُ الردّاءةِ لاَ تماديتِ ..
ذوو الهِّمَةِ عنْ الصَّحِ ذادُوا وأنتِ في الدَّركِ دُرِّيتِي ..
وآلُكِ مَنْ تابَ أو تلوّنَ عنْكِ بالدَّمْعِ تَرْجينَ زَمَنًا تمَتَّعْتِ ..
سقط قِناعُكِ والتّاجُ قِصديرٌ لا ماسٌ ..فوقكِ خلِّيهِ .. انْ شِئتِ ..
بالزهْرِ والورْدِ ازَّيَنَتْ ديارُنا.. بُعْدًا عنَّا ..تواريْتِ ...

==
زين الدين بوعجاجه


الأربعاء، 22 فبراير 2017

خَصْلةٌ مجروحة

خَصْلةٌ مجروحة
أثناء مأدبة العشاء ..
اسْترقَ السّمعَ يُمْنةً من طاولةِ الجنبِ ,
فسمِعَ ثناءً على خَصْلةٍ من خصالِه ..
ثمّ اسْترقَهُ يُسْرةً بالقربِ ,
فألبسوا خَصْلةَ اليمينِ رِداءَ المَثْلبَةِ ..
فقررَّ  صمَّ الآذانِ دون طاولتِه ..
وتناسى جبْرَ خاطرِ خَصْلتِهِ المجروحة ,
 كيْ يُكملَ السّمرَ في راحةٍ ووئامٍ



==
بقلم زين الدين بوعجاجه



طفولة سرمدية

طفولة سرمدية

 نتقادم في الذكرى
اسمًا متداولا بالألسن من جيلنا ثم الخلف 
وتماوجًا للتجاعيد على الملمح ,           
وزحفًا للشيْب بلا استئذان ولا تريث ,   
وخيانةَ الذاكرةِ لذِكراها ,
وترحالاً مع ترحالٍ في فضاءات المكان ,
 واستبدالَ الأصدقاء بأصدقاء ...
ورغم تغايرِ الزمان والمكان والأجساد
تظلُّ قوقعة الطفولة فينا دون كسر
آسرةً للرّوحِ تلهو في فضاء اللاّزمان ,
وتعطينا شعورا بالأمان ,
كشعور طفلٍ باتَ ليلته بدمعٍ لخلافٍ من أجل لعبة
ثمّ استفاق من غدٍ بالبِشرِ والابتسام كأنّ شيئا لم يكن .
==
بقلم زين الدين بوعجاجه



الثلاثاء، 21 فبراير 2017

إنّما الأعمالُ بالنيات


" إنّما الأعمالُ بالنيات "

زرع بذرة فكرته في ارض قريحته الخصبة
اينعت واثمرت نصوص البهاء.
فجلبت قبولا واستحسانا وثناءً ...
... بعد شهر ...
زرع أخرى من نفس القبيل وبذات الربوة.
خاب مسعاهُ فثمرُها فجٌّ.
استغرب حالَهُ, كيف النتيجة وقد أحسّ كما السابقة شهرًا مضى لمّات الإلهام ذاتُها تهُزُّهُ.
فاستشار حكيمَه الشيخ ذو السرّ والعطاء عن زرعٍ مقبول وقبيلُه المردود.
فأجابه: " إنّما الأعمالُ بالنيات " ....

===
ز . بوعجاجه في 21/02/2017

لؤلؤ ومرجان

 لؤلؤ ومرجان


   رَكِبْتُ البَحْرَ لِأَجْلِ مَهْرِهَا وَلَسْتُ عَوَّامًا , فَقَدْ طَلَبَتْ لُؤْلُؤًا ...
   غَاصَ الغَوَّاصُونَ الأَعْمَاقَ وَمَا لِي حِيلَةٌ بَيْنَهُمْ وَلَا إِحْتِرَاف ...
   جَرَّبْتُ وَكَرَّرْتُ مَرَّاتٍ وَمَرَّاتٍ دُونَ فَلَاحٍ ...
   خَانَنِي نَفَسِي , فَكَلْكَلِي لِلْبَرِّ عَوَّادُ وَكَلْكَلَهُمْ لِلْبَحْرِ أَعْوَدُ ...
   مُلِئَتْ سِلَالُهُمْ مَا يَكْفِي عُقُودَ سِوَارِ لُؤَيٍّ لِبَنَاتِ الحَيِّ , وَسَلَّتِي خَاوِيَةٌ...
   عَرَضُوا عَلَيَّ بَعْضَهَا اِسْتِعْطَافًا وَجَبْرًا لِخَاطِرِي ...
   فَقُلْتُ لَهُمْ: عَهْدِي لَهَا لُؤْلُؤًا بِيَدِي , فَإِنْ خُنْتُ فَسَخَتْ أُصُولُ اللَّآلئِ فِي جِيدِهَا ...
   غَادَرْتُ البَحْرَ لَا الشَّاطِئَ الصَّخْرِيِّ أَحْمِلُ هَمِّي وَخَيْبَةَ أَمَلِي ...
   شُعَاعُ شَمْسِ المَغِيبِ يَنْفُذُ مَاءَ بَحْرِ الأَمْوَاجِ وَيَكْشِفُ حُمْرَةً بَدِيعَةً تسُرُّ وَتَأسَرُ نَاظِرَهَا. 
   نَظَرْتُ فَحَدَّقْتُ فَإِذَا بِي أَرَى قِطَافَ المَرْجَانِ غَيْرَ بَعِيدٍ , اَغُوصُ وَاَقْطِفُ مَا يَكْفِينِي ...
   هُوَ خَالِقِي سَمِعَ دُعَائي مَعَ لَوْعَتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي فَقَادَنِي وَقَادَهُ إِليَّ ...
   الآنَ وَمَعِي مَهْرُهَا مَرْجَانًا , تُرَى هَلْ يَبْدُلُ عِنْدَهَا اللُّؤْلُؤُ مَرْجَانًا؟
   رَجَعْتُ بَيْنَ الرَّجَاءِ بِالُقُبولِ وَالخَوْفِ مِنَ العُدُولِ .. وَقَصَصْتُ سِيرَتِي فِي سَفَرِي      

   وَتِرْحَالِي...
   قَالُوا: نَحْنُ قَوْمٌ نَرْكَبُ البَحْرَ أَبًا عَنْ جَدٍّ وَلِكُلِّ بِنْتٍ عِنْدَنَا كَيْسُ لَآلِئٍ, إِنَّمَا رَجَوْنَا 
   مِنْكَ اللُّؤْلُؤَ لِلإِخْتِبَارِ ,
   أَمَا وَقَدْ أَحْضَرْتَ المَرْجَانَ فَسَيَكُونُ مَهْرُهَا "عِقْدُ لُؤْلُؤٍ وَمَرْجَانٍ"
   === 
   بقلم زين الدين بوعجاجه



توأمُ توأمِ

توأمُ  توأمِ

   فيِ البَدْءِ كَانَ الحَرْفُ فَالكَلِمَةُ ثُمَّ القِصَّةُ " تَوْأَمٌ " عُنْوَانُهـَا ...
   اشْتَدَّ عُسْرُ المَخَاضِ هَذِهِ المَرَّةَ لَيْسَ شَبِيهًا بِسَابِقِيهِ ...
   فَالفَصْلُ الأَخِيرُ مِنْهَا طَالَ تَمَامُهُ بَحْثًا عَنْ تَوْلِيفَةٍ نَامِقَةٍ لِلْخَتْمِ ...
   تَعَصَّرَ الفِكْرُ مَسْنُودًا بِإِلْهَامٍ فَاهْتَدَى ...
   الفَرْحَةُ فَرْحَتَانِ , فَالمَوْلُودُ تَوْأَمَانِ ...
   بُشِّرَ الكَاتِبُ أَنَّ قِصَّتَهُ تُنْشَرُ فِي فَضَائَيْنِ ...
   مَنْسُوخَةً عَلَى الصَّحَائِفِ كُتُبًا مِنْ وَرَقٍ ,
   وَتَوْأمُهَا رَقْمِيًا يَسْبَحُ فِي بَحْرِ البَرْقِ (النَّاتْ) ...
   قُدِّرَ لَهَا ذَيَعَانُ الصِّيتِ فِي البَحْرَيْنِ ذِي الوَرَقِ وَذِي البَرْقِ (النَّاتْ) ...
   وَاَمْسَى كَاتِبُهَا مُوَقَّرًا فِي كُلِّ نَادٍ , بِإِطْرَاءٍ وَتَكْرِيمٍ وَأَوْسِمَةٍ ...
   غَيْرَ أَنَّ التَّوْأَمَيْنِ " كِتَابُ الوَرَقِ " وَ" كِتَابُ البَرْقِ" لَا يَلْتَقِيَانِ.
   طَالَ فِرَاقُهُمَا وَازْدَادَ الشَّوْقُ إِلَى اللُّقْيَا , فَعَالمَـَاهُمَا لَا يَتَقَاطَعَانِ ...
   ...
   شَابٌ كَثِيرُ القِرَاءَةِ مُحِبٌّ لِكِتَابَةِ صَاحِبِ " تَوْأَمٌ ",
   حازَ نُسْخَةً وَرَقِيَّةً مِنْهُ وَرَاحَ يَسُوحُ بِدَاخِلِهَا مَأْخُوذًا بِأُسْلُوبِهَا كُلَّ الأَخْذِ ...
   انْتَصَفَ القِرَاءَةَ فَأَجَاءَهُ سَفَرٌ عَاجِلٌ نَسِيَ الكِتَاَبَ مِنْ خَلْفِهِ ,
   البَلَدُ الَّذِي حَلَّ بِهِ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَطْبَعُ لُغَةَ كِتَابِ " تَوْأَمٌ "...
   مَا عَسَاهُ فَاعِلٌ لِيُطْفِئَ لَوْعَةَ شَوْقِ قِرَاءَتِهِ ,
   ثُمَّ اهْتَدَى إِلَى حَاسُوبِهِ فَاشْتَرَى نُسْخَةً رَقْمِيَّةً مِنَ الكِتَابِ ...
   بِشَغَفٍ رَاحَ يُوَاصِلُ قِرَاءَةَ القِصَّةَ حَتَّى النِّهَايَةَ ...
   وَاكْتَمَلَتْ فَرْحَتُهُ بِاللُّقْيَا فَرْحَتَانِ:
   فَرْحَتُهُ هُوَ بِتَوَاصُلِ أَشْجَانِ التَّعَابِيرِ بَيْنَ نِصْفَيْ الكِتَابِ وَرَقِهِ وبَرْقِهِ.
   وَفَرْحَةُ اللُّقْيَا بَيْنَ الكِتَابَيْنِ التَوْأَمَيْنِ ,
   مَا كَانَ لِيَخْطُرَ عَلَى بالٍ , أَنْ يَكُونَ مَكَانُ اللِّقَاءِ غَيْرَ ذِهْنِ ذَاكَ الشَّابُ,
   بِالأَقْدَارِ تَلْتَقِي كَلِمَاتُ النِّصْفَيْنِ فِي بَحْرِ الذِّهْنِ ... 
   ===
   بقلم زين الدّين بوعجّاجه

شبح مُقعَد

شبحمُقعَد

   عَادَ لَيْلًا سَالِكًا دَرْبًا مُظْلِمًا غَيْرَ ذِي المـُعْتَادِ ...
   إِذْ رَأَى مَا يُشْبِهُ جَسَدًا أَعْضَاؤُهُ فِي غَيْرِ ذِي اِنْسِجَامٍ ...
   أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً ...
   قَرَأَ الشَّبَحُ فِي نَظَرَاتِهِ وَنَوَايَاهُ ذَلِكَ الخَوْفَ ...
   عَادَةُ الأَشْبَاحِ الإِهْتِزَازُ وَالوَمْضُ بَيْنَ الإِخْتِفَاءِ وَالظُّهُورِ لِإِحْدَاثِ الرَّهْبَةِ ...
   غَيْرَ أَنَّ هَذَا الشَّبَحَ قَعِيدٌ مَشْلُولٌ لَيْسَ لَهُ مِنْ سِلَاحِ التَّخْوِيفِ سِوَى جَسَدَهُ 
   اللاَّمُتَجَانِسِ ...
   لا .. لا .. بَقِيَ مَعَهُ سِلَاحُ قَذْفِ الوَهْمِ ...
   عِوَضَ أَنْ يَتَطَايَرَ هُوَ وَيَهْتَزَّ , أَرْسَلَ كَمْشَةً مِنَ الوَهْمِ تُجَاهَ الرَّجُلِ الَّذِي ظَلَّ الطَّرِيقَ,
   فَأَمْسَى الرَّجُلُ مُتَطَايِرًا مُهْتَزًّا وُخُيِّلَ إِلَيْهِ أَنَّ الشَّبَحَ هُوَ المُهْتَزُّ ...
   لَكِنَّهُ تَذَكَّرَ التَّعَوُّذَ فَقَرأَ فَأَسْتَقَرَّ , فَأسْتَبَانَ عَجْزُ الشَّبَحِ ...
   فَتَبَسَّمَ الرَّجُلُ ضَاحِكًا أَمَامَ دَهْشَةِ ذَاكَ المُقْعَدِ ...
   وَقَبْلَ أَنْ يُغَادِرَ مُرَوِّحًا إِلَى بَيْتِهِ سَأَلَ الرَّجُلُ الشَّبَحَ بِإِسْتِهْزَاءٍ:
   هَلْ لِي بِمُسَاعَدَتِكَ فَأُحْضِرَ لَكَ كُرْسِيًّا مُتَحَرِكًا وَأُسَاعِدُكَ لِتَعُودَ إِلَى بَيْتِكَ.
   ثُمَّ أَرْدَفَ الرَّجُلُ قَائِلاً: اِرْسِلْ اِبْنَكَ غَدًا لَيْلاً إِلَى هُنّا فَإنّي سَأَعُودُ وَمَعِي صَدِيقٌ    
   خَوَّافٌ فَرِيسَةً لَهُ كَيْ يَتَسَنَّى لَهُ التَّدَرُّبُ ... سَــــلَامٌ. 
   == 
   بقلم زين الدّين بوعجّاجه

ثرثرة


  ثرثرة
   قَلَمُهُ جَرْجَرَهُ ثُمَّ كَرْكَرَهُ فَامْتَهَنَ ثَرْثَرَةً ...
   حِينَ يَنَامُ هُوَ , 
   فَالقَلَمُ مَا أَصْبَرَهُ , لَهْفَةً لِلْمِحْبَرَةِ , بَلْ كَادَ لَحْسًا لَهَا أَنْ يَجْرُأَ , 
   مَعَ تَقْدِيمِ عُذرٍ أَنَّ الرُّوحَ لاَ تَنَامُ لِصَاحِبِهِ قَدْ أَفْتَتْ لَهُ بِالجَرِّ وَالكَرِّ دُونَ مُرَاقَبَةٍ ...
   مُلِئَتْ صَحَائِفٌ , ذَاكَ القَلَمُ مَا أَسْرَعَهُ , فُكَّ اللِّجَامُ وَقَيْدُهُ , مَا أَبْدَعَهُ, 
  
اسْوَدَّتْ الصَّحَائِفُ مَا مِنْ بَيَاضٍ عَلَيْهَا قَدْ بَدَى ... 
  
سَمِعَ الآذَانَ هُوَ .. وَصَاحِبُهُ صَحَى ,
  
فَخَنَسَ وَانْبَرَى جَامِدًا خَلْفَ المِحْبَرَةِ , شَفَّافَةً هِيَ مِنْ هَوْلِ غَرْفٍ طُولَ لَيْلٍ مَا دَعَا , 
  
مُرْتَجِفًا أَنْ يَكْشِفَ صَاحِبُهُ الخِيَانَةَ وَالصَّعْلَكَةَ ..
  
أَغْمَضَ القَلَمُ عَيْنَاهُ مُتَنَامِيًا ...
  
حَلَّ السَيِّدُ ِبمَكْتَبِهِ لِيُوقِظَ قَلَمَهُ .. 
  
بِرُعْبٍ اِسْتَفَاقَ القَلَمُ لَكِنَّهُ مَا لَبِثَ أَنْ أَخْرَجَ زَفَرَاتٍ وَآهَاتٍ مِنْ فَرْطِ فَرَحٍ أَصَابَهُ , 
  
فَالصُّحُفُ كُلُّهَا بَيْضَاءُ لَا شِيَّةَ فِيهَا وَالمِحْبَرَةُ مُثْقَلَةٌ , 
  
فَعَلِمَ القَلَمُ أَنَّهُ بِأَضْغَاثِ أحْلَامٍ بَاتَ لَيْلَتَهُ ,
  
فَقَرَّرَ مُذْ ذَاكَ أَنْ لَا يَلْبِسَ رُوحَ صَاحِبِهِ عِنْدَ نَوْمِهِ , 
  
وَأَنْ يَأْبَى أَنْ يَحْمِلَ الأَمَانَةَ ,
   وَيَكُفَّ عَنِ الثَّرْثَرَةِ.     
   ==
    بقلم زين الدّين بوعجّاجه